Friday, July 18, 2008

مزنوق ؟ ,, اعمل حمام !

مزنوق ؟ ,, اعمل حمام !
للكاتب محمد هشام عبيه
كانت الزوجة فى حيرة شديدة من امرها " جوزى جاى من السفر و عاوزة اعمله حاجة جديدة " ـ حقها برضه ـ هنا يظهر ذلك الصوت المجهول لينصحها بـ " تغيير عفش البيت " فتبدو غير مقتنعة لان " ده هياخد وقت طويل " ، يعود الصوت المجهول بعد تفكير ليقول لها بانه فى هذه الحالة لم يعد امامها سوى " تغيير دهانات و الوان حوائط المنزل " ، فلا ينفع هذا الاقتراح ايضا لان الصنايعية غير ملتزمين بمواعيدهم و "جوزى جاى بعد يومين " انت ايه ما بتفهمش ؟!
طب و بعدين ,, مشكلة برضه ,, هنا يعود الصوت هادئاً مطمئناً ليقدم للزوجة الحائرة ـ ينفع اسم فيلم والله ! ـ الحل السحرى " خلاص يبقى الحل فى الشركة ",,,,,,," ,, هتعمل لك حمام سباحة فى يومين بس ! ـ طب يا رب يجيلى سعال ديكى لو كنت بكذب الاعلان بيقول كدة ! ، بل ان الزوجة تتحمس بشدة لهذا الحل الغير مسبوق و تسارع فى تنفيذه حتى يبدو زوجها حين ياتى من السفر سعيدا منبهرا مندهشا مقشعراً منفهشاً ـ ايوة منفهشا! ـ من فرط هذا العمل الرائع الذى انجزته الشركة الفلانية فى زمن قياسى ، و ينتهى الاعلان ـ الذى يذاع بكثافة و الحاح غير طبيعين على اذاعة نجوم اف ام ولا اعرف اذا ما كان يذاع فى التليفزيون ايضا ام لا ـ بفرحة اللقاء بين الحبيبين على ضفاف " البسين " الساحر,
خدت بالك من " الاوبشنات " المتاحة للزوجة من اجل الترحيب بزوجها ـ ركز فى الخيارين الاولين فقط ,, التالت ده لوحده حكاية ! ـ ,, تغير عفش البيت او الوان حوائطه و كان هذا الامر فى سهولة و رخص تغير جلدة الحنفية الى بتنقط او تصليح السيفون الى انكسر ! ، او كان الشعب المصرى لما بيصحى من النوم زهقان و مش لاقى حاجة جديدة يعملها يتصل " بعبد الرحيم عمرو " حتى يغير العفش فى ساعتها لان الشكل القديم مؤثر على نفسويته ! و هو نفس ما يحدث لقطاع كبير منهم حين يفاجأ ذات صباح بان هناك صرصار لعيناً يزحف على الحائط فيخدش الوانه الزاهية و يترك عليها ندوبا تؤثر على حدقة العين و تجعل الرؤية " مزغللة " فلا يجد حلا ـ حفاظاً على عينيه من التشوه اللونى ! ـ سوى الاتصال بخدمة الرقم المختصر لـ " سايبس " و الحقونى يا جماعة بالوان جديدة مش قادر اعيش ,, حياتى جحيم !
اما الخيار الثالث " حمام السباحة " الذى اصبح عليه العين و النية بعد صعوبة تحقيق الخيارين الاولين ـ زنقة الوقت بس مش اكتر ,, مش قلة فلوس يعنى لا سمح الله ـ فهو امر لا يصدقه عقل لانه يفترض وجود عدة اشياء فى حياة المصرين تصنف تحت بند المعجزات ,, فاولاً هناك فيلا و بجابنها هناك حديقة التى بها ارض واسعة المساحة تسمح بان يتم اقتطاع جزأً منها لتحويلها الى " بسين " ,, صحيح ان هناك اتجاها علميا الآن لانشاء حمامت سباحة مغلقة اى داخل الفيلات و الشقق المتسعة و الفنادق الكبرى الا ان الدراسات الحديثة اثبتت ان هذه الحمامت تصيب مستخديمها بالربو بسبب استخدام الكلور بنسبة كبيرة ـ ولان صحتك تهمنا فلا ننصك بها طبعا! ـ دعك من ان الاعلان كان يتحدث عن حمام سباحة مفتوح ,, من تلك النوعية التى تكون موجودة فى حديقة الفيلا المتسعة ,, ايوه زى الى مات فيها كده " خليل بيه " / " سعد اردش " لما زقته " بيسة " / " عايدة رياض " فى مسلسل " المال و البنون " !
ليس هذا فحسب بل ان الاعلان بعد ان يفترض حدوث معجزات الفيلا و الحديقة و الزوجة الطيبة التى تبحث عن شيئ تفاجىء زوجها العائد من السفر البعيد عن القلل القناوى ! ، يفترض ان المعجزة الكبر و هى ان هناك قطاع كبير من المصرين يمتلكون الاموال الزائدة لتأسيس حمام سباحة فى ظرف يومين بل و العوم و البلبطة فيه ايضا بعد دفع هذه النقود بكل سعادة و اريحية و دون ادنى شعور بتأنيب الضمير ـ ده فى ناس لما بيشترو فرخة بيكونوا متقطعين من جواهم و هم بياكلوها صعبان عليهم الفلوس الى دفعوها فيها !
يعنى ببساطة شديدة هذا الاعلان المستفز ـ مشيها مستفز بس عشان الرقابة ـ ينطلق من قناعة مفادها ان " كل المصرين " يعيشون فى راحة و ثراء و رفاهية و نعيم و دعة و بحبوحة ـ ايوة دعة و بحبوحة مع بعض ! ـ لدرجة ان الزوجات اللطيفات يستقبلن ازواجهن القادمين من الخارج ليس بحلة محشى او طبق كشرى وصاية من " ابو طارق " و انما بحمام سباحة !
و بعيد عن اى احقاد طبيقية دعنا نتفق ان هناك مصرين هكذا بالفعل ، هم هؤلاء الذى يقضون الصيف فى " تركيا " و الشتاء فى " بلغاريا " ، ولا يقربون منطقة وسط البلد لانها اصبحت بلدى و يقضون يومهم فى التنقل بين " فرايدايز " و " تشيلز " و " سيلانترو " ولا يشاهدون السينما ال فى " سيتى ستارز " لان التذكرة هناك بخمسة و عشرين جنيها ,, و مراحل تعلميهم كانت جميعاً فى اى مدرسة او جامعة ينتهى اسمها بـ " كولدج " او "سى " و لهم وظيفة مضمونة فور تخرجهم فى بنك امريكى او اوربى او فى شركة متعددة الجنسيات ,
صحيح ان نسبة هؤلاء لا تمثل سوى 5% على الاكثر من المصرين لكن بصراحة شديدة من حقهم جداً ان يعيشوا حياتهم و يستمتعوا بها على طريقتهم و ليس على طريقة الـ 95% الباقين ، لكن فى نفس الوقت عليهم ان يحترموا مشاعر هؤلاء الذين يعيشون فى نجوع و قرى و احياء مصر الشعبية المحروسة و هم محرمون اساسا من الصرف الصحى " اكثر من 90% من قرى مصر لاتزال تعمل بنظام الكشح و النضح ـ ولا مؤاخذة ـ وصرف المخلفات فى الترع و فروع النيل و ان يراعو احاسيس ناس و بشر بيحسو والله مثل اهالى قرية برج البرلس الذين فاض بهم الكيل بعد ان انقطعت مياه الشرب عنهم لاكثر من ثلاثة اشهر كاملة دون ان يعبرهم مسؤل واحد فخرجوا ليقطعوا الطريق الدولى محتجزين المسافرين حتى عاد سرسوب المياه متقطعاً متذبذبا ,
لا مانع على الاطلاق ان تستقبل زوجة الـ 5% زوجها العائد من السفر بحمام سباحة ـ ان شاء الله يا اخى حتى تقابله بفرقة حسب الله او بفريق " واما " واحنا مالنا ـ ، ولا مانع على الاطلاق من انا تروج شركات حمام السباحة لما تقوم به من اعمال مميزة ,, لكن كل فنون الاعلام و الدعايا تقول بان لكل اعلان شريحة مستهدفة ,, و ناس حمامت السباحة دول اكيد مش ساكنين فى كفر البطيخ او الوراق او عزبة الهجانة او كوم العرب ,, القصد بان لهم تجمعاتهم الخاصة بهم و عالمهم المغلق عليهم الذى فى نفس الوقت سهل اختراقه و الدخول اليه لاصحاب شركات حمامات السباحة و ما شابه ,, يبقى ليه يكون بهذا الشكل المكثف و الملح و كانه يريد استفزاز الناس لا الترويج لسلعة ذات خصوصية معينة ؟!
ثم اذا كان للبعض ان يفهم انه لما يكون مزنوقا ـ فى هدية يقدمها لمن يحب ـ فعليه ان يعمل حماما ـ للسباحة ـ فما الذى يمكن ان يفعله اذن مع الاخرين ـ و هم اغلبية ـ سيفهمون الاعلان على طريقتهم الخاصة ، و لما يكون احد منهم مزنوقا ـ بحق و حقيق هذه المرة ـ فهيعمل حمام برضه ,, لكن من غير سباحة !

1 ايه رايك؟؟؟:

Anonymous said...

بجد فكره كويسه بس اكيد لما اتجوز لايمكن افاجئ زوجى بحمام بس كنت عايزه اعرف لايك انت ياعبد الله لما تتجوز تحب زوجتك تفاجئك بى ايه


سمسمه