Wednesday, July 09, 2008

مانجو

مانجو
بقلم الكاتب محمد هشام عبيه
قبل تلك الواقعة بيومين قابلت رجلاً صعيدياً فى الشارع بالقرب من عملى يحمل قفصاً فيه ثمار المانجو تبدو من خضارها الفاقع انه مقطوعة للتو من شجرها , و لما كنا لانزال فى اوائل شهر يونيو حيث لا مانجو فى هذا التوقيت ابداً , قلت لعلها تهيؤات لعلها فاكهة اخرى تأخذ شكل المانجو و هى ليست كذلك على سبيل التمويه يعنى ! و الشاهد انى فعلت ذلك حتى اوفر على نفسى الفلوس التى سادفها فى المانجو التى اضعها باقتدار و تبجيل و توفير فى قائمتى لـ" ذا بيست فروتس " ,, و عدى الغراء و الحمد لله ,, لكنها ثمرة خبيثة فيما يبدو ,, اذا فوجئت بها تستقبلنى بنفس الخضار المغرى الجذاب فى قرية لا اتذكر اسمها ـ من حسن حظ اهلها طبعا! ـ بالقرب من أجا و انا فى طرقى الاسبوعى من القاهرة لشربين ,, كان الاغراء يصعب مقاومته هذه المرة ,, و قلت لنفسى " طالما طلعت لك كدة مرتين فى يومين بس يبقى لازام تشترى ,, وطالما كانت موجودة فى القاهرة و اجا فى وقت واحد يبقى اكيد الموسم بتاعها اتغير و بقى بيجى فى اول يونيو ,, اشمعنا دى يعنى الى مش هتتغير ميعادها ,, ما البلد كلها ماشية كدة ,, و انا نفسى مواعيدى مش مظبوطة
صحيح مش معقولة اعطى ميعاد لحد فى شهر يوليو وفآجى له فى شهر يونيو ,, بس معلش يا اخى ,, دى مانجو"
اركن السيارة بجوار محل الفاكهة التى تجلس فيه السيدتان ظلت احداهما على وضعها تخرط قشر البطيخ بدقة شدية لتعد وجبة دسمة لبط ملظلظ يتحرك بجوارها فى نشاط , بينما قامت الثانية من مرقدها و هى تقول لى: "أوامرك يا استاذ" ,, اقول لها مقاوما النظر الى المانجو حتى لاأقع تحت تأثيرها الأخاد:
"عاوز 2 كيلو خوخ" ,,
ثم و هى تزنه اقترب كالمفتون اتجاه المانجو و أمسك احداها "حلوة خالص ,, شكلها يجنن الصراحة " , تنتبه الى خطواتى المجنونة هذه التى لايمكن ان تفوت هكذا على اى بائع محترف لتبادرنى قائلة: " مانجة عسل ,, لسه جاية من الإسماعلية " .
اسماعلية!,, خلاص كدة اعلنت استسلامى و انهارت كل سدود مقاومتى ,, قلت لها:
" و بكام الكيلو"
قالت بابتسامة تحمل معنى " شكلك هيبقى و حش اوى لو سألت على السعر و ماشترتش": " 15 جنيه ,, اوزن لك كام "؟
افزعنى الرقم لدرجة انى وضعت ثمرة المانجو التى امسكتها بجوار شقيقتها فى سرعة و كأنها تحولت الى ثعبان سام قبل انا تنقح على كرامتى و برستيجى الذى يصنعه لى سيارتى الـ 128 عارف انت البرستيج بتاع الـ 128 ده!ـ بالاضافة انى تصورت دخلتى على اسرتى بمانجو بمنتصف شهر يونيو " لأ حركة روشة برضه" ، فاقول لها القرار الذى لا اعرف كيف واتتنى الجرأة لأتفوه به:
طب اوزنى لى كيلو و نص,,
ثم لأريح ضميرى المتشكك و جيبى الذى اسمعه يغنى ظلموه
اسالها:
"بس حلوة فعلاً ؟"
تؤكد فى ثقة و هى تضع المانجو فوق الميزان:
"عسل",,
***
كنا قد انتهينا من تناول طعام الغذاء حينما قلت لهم فى لهجة من يلقى مفاجأة " يلا بقى عشان ناكل المانجة,," و عندما رأيت ملامح الاندهاش على وجوههم ، قلت انزل بالتقيلة بقى " ايوة اصل انا اشتريت مانجة "
و لما لم اجد تأثيرا كبيراً عليهم ، قمت من مكانى و احضرت حبات المانجو الخضراء اللامعة ـ خليك فاكر ـ
و دعوت الجميع الى ان يبدأ الحفل ,
ولانى من اشتراها بفلوسه فكان لابد انا يتنازل الجميع عن الشرف و يجعلونى اختار اكبر ثمرة حجماً ، احضرت السكينة البرازيلية الاصيلة و اخذت وضع " من ياكلون المانجة " ، و برفق اخذت اقطع الثمرة حتى فوجئت بان السكينة قطعتها الى نصفين متساويين دون انا اشعر بانى مررت على النواة التى تحتل عادة مكانها فى منتص المنجاية ,, اقول لنفسى لعلها نوع جديد مستحدث بلا بذر او نواة تيسيراً على المواطنين ,, لكن هل يشمل العرض ايضا ان يكون لونها من الداخل ابيض و هى التى كانت منذ انا ظهرت للوجود تتمتع بلون اصفر محبب ؟ ثم اكتشف الحقيقة المفزعة القاتلة ,,
هناك نواة فعلاً لكنها لم تنضج بعد لهذا مر فيها السكين بهذه السهولة الخارقة ,, و لونها من الداخل اصفر فعلا لكن هذا ما سيحدث بعد ما يزيد عن شهر ان شاء الله ـ ربنا يديك و يدينا طولة العمر ـ
حينما تستوى على الآخر و تصبح ثمرة مانجو بحق و حقيق تخرجت من الجامعة و ليست كما هى الان ثمرة مانجو هزيلة لا تزال فى " كى جى تو "
ــ " طب يا جماعة ما جايز المنجاية دى بس الى عاملة مخالفة كدة و الباقى زى الفل ان شاء الله "
- نجرب ,,
- احم ,, كلهم كده ,, ها ها ها ها ,, دى حاجة لطيفة فعلاً,,
ثم يدور الحوار الراقى:
- " و هو فى حد اهبل برضه يشترى مانجة فى يونيو ؟ "
- " امال عارضينها للبيع ليه بس فى المحلات "
- " عشان الهبل الى زيك يشتروها "
- " بس غريبة انا مشفتش عليها يافطة انها معروضة للمجانين بس "
- " هتلاقيها موجودة بس مستخبية ,, و بكام الكيلو منها على كدة ؟"
- " احم ,, لأ مش غالى ,, سبعة جنيه بس "
- " طب كويس انها جت على قد كدة "
- " آه الحمد لله ,, بس لما اشوفها بس ,, دى قالت عسل يا استاذ عسل " ,,
- " هى مين دى ؟ "
- " لأمافيش ,, بس الخوخ حلو بقى ,, صح ؟ "

****
لست من هواة تحميل الامور اكثر مما تحتمل ,, بس اموت و اعرف السر الذى جعل سيدة المانجو تخدعنى و تؤكد لى بانها عسل يا استاذ عسل ,, طب ليه ,, ما الذى ستسفيده يعنى ,, و لماذا يشعر بعض او كثير من المصرين بالسعادة لما يخدعوا اقرانهم ,, و السؤال الاهم ، هى المانجة - الى فيها نواة و لونها اصفر من جوه - بتطلع امتى ؟؟؟؟؟!!

2 ايه رايك؟؟؟:

sweet_heart said...

هههههههههههههههههههههههههه
تعيش وتاخد غيرها
ع العموم المانجا حلوة برجه
وشكرا ع الموضوع

Anonymous said...

موضوع رائع بس تفتكر المانجه اللى جبها دى اكلوها ولا عملوا فيها ايه ههههههههه اشكرك على مجهودك الرائع



سمسمه